بقلم الأستاذ: داسة مصطفى
أستاذ علم الإجتماع في جامعة الجزائر 02
مقدمة:
تشكل منظومة الوظيفة العمومية النظام الإجتماعي للموظفين العموميين ، فهي تعتبر المجال الخاص بهم فتقدم لهم الرعاية المهنية والتأهيل عن طريق التنشئة التنظيمية و التكوين لدمجهم في الحياة المهنية وتكييفهم معها والحفاظ على قيمها ومواصفاتها ، مما أكسبها وظيفة سوسيولوجية بإعتبارها أداة تواصل بين الدولة والمواطن، وأساس من أسس التنمية والتطور وتقدم المجتمعات الإنسانية (مصطفى، 2012 ، ص 100). بيد أننا نجد أن الوظيفة العمومية أصبح لها أدوار عديدة في المجتمعات الإنسانية الراهنة، إذ تتحمل أعباء تمثيل السلطة العامة، كما تتحمل مسؤولية إعطاء الموظفين فرصة ممارسة خبراتهم المهنية طول حياتهم المهنية و الحماية الوظيفية .
و المرأة الموظفة نجدها تحتل موقعاً متميزاً في منظومة الوظيفة العمومية، فهي تمثل النسبة الكبيرة من القوة العمالية فى المجتمعات المهنية و الادارات العمومية الجزائرية ، نظرا لان مشاركتها في التسيير الاداري هو السبيل الانجع والاسرع لتطوير وتحديث الادارة العمومية .
وبناء على ذلك سنحاول من خلال هذه المداخلة، دراسة موضوع حماية الأمومة والطفولة في منظومة الوظيفة العمومية الجزائرية بالتطرق إلى مايلي:
المبحث الأول: إشكالية دراسة حماية الأمومة والطفولة في منظومة الوظيفة العمومية
1- الإشكالية.
2- تساؤلات الدراسة.
3- أهداف الدراسة.
4- أهمية الدراسة.
المبحث الثاني: مدخل لمفهمة حماية الأمومة والطفولة في بيئة الوظيفة العمومية.
1- الحماية الاجتماعية للمرأة الموظفة.
2- الأمومة والطفولة:
3- منظومة الوظيفة العمومية.
4- حماية الأمومة والطفولة في بيئة الوظيفة العمومية.
المبحث الثالث: مكانة حماية الأمومة والطفولة في منظومة الوظيفة العمومية
1- إجازة الحمل والولادة
2- حق المرأة في الحصول على فترات راحة لإرضاع طفلها
3- حق المرأة في فترات توقيف العمل بغرض تربية طفلها.
4- الحق في التأمينات الإجتماعية.
5- حق الرعاية الصحية.
الخاتمة:
المبحث الأول : إشكالية دراسة حماية الأمومة والطفولة في منظومة الوظيفة العمومية .
1- الإشكالية :
تعد قضايا حماية الأمومة والطفولة في التشريعات المهنية والعمالية من أهم القضايا التي تهتم بها المجتمعات الساعية إلى التقدم و النمو، كما أنها تستأثر إهتمام الباحثين في مختلف الحقول المعرفية، نظرا للمكانة التي تحتلها المرأة في المجتمعات المهنية والإدارات العمومية، فهي تمثل النسبة الكبيرة من القوة العمالية، نظرا لتنوع تخصصاتها وخصائصها المهنية والتعليمية والثقافية المؤثرة، ويزيد من أهمية هذه الشريحة نظرا لخصوصية أوضاعها في ظل قيم المجتمع الجزائري وعاداته و تقاليده و مبادئه المحافظة، مما إستوجب حمايتها والعناية بها للرفع من قدراتها الإنتاجية .
وقد أضحى العناية بالمرأة الموظفة ضرورة حتمية لتصبح قوى مهنية كفؤة وفعالة، قادرة على تأدية العمل واكتساب قيم وسلوكيات بناءة، لمواجهة التحديات ومواكبة التغيير، ومنه تحقيق أهداف المنظمات والإدارات العمومية، والتفاعل مع المواطنين لتقديم خدمات متميزة لهم بما يسهم في دفع عجلة التنمية، إلا أن الجدل حول حماية الأمومة فى أماكن العمل لا يزال قائما بالرغم من توافر قاعدة عريضة من النصوص التشريعية وتنظيمية وحتى الدستورية، المتعلقة بإجراءات الإنصاف الاجتماعي لحماية العاملات في قطاع الوظيفة العمومية ضد المخاطر الاجتماعية وسوء المعاملة .
بالرغم من أن رعاية المرأة الموظفة تدخل ضمن نطاق الرعاية الاجتماعية العمالية ، التي “تتحدد بمجموعة الوسائل المتخذة لرفع مستوى العمال على جميع الاصعدة المادية و الصحية و الثقافية و الاجتماعية بقصد خلق التوافق الضروري ما بين العامل نفسه و بينه و بين الادارة العمومية و بينه وبين مجتمعه” (داسة، 2015، ص 166)، فإن المرأة الموظفة يجب أن تتمتع فوق كل ذلك برعاية تتمثل في توكيد الضمانات المتعلقة بحمايتها في العمل .
و نظرا الى أن موضوع حماية الأمومة والطفولة يعد من أهم المواضيع السوسيولوجية الأقل تناولا ، إرتائينا دراسة موضوع حماية الأمومة والطفولة في منظومة الوظيفة العمومية الجزائرية في هذا من خلال إستقراء وإستنطاق النصوص القانونية التي تصب في ذات المنوال.
2-تساؤلات الدراسة: تسعى هذه الدراسة للإجابة على سؤال رئيسي يتمثل في معرفة واقع حماية الأمومة والطفولة في منظومة الوظيفة العمومية الجزائرية؟
و للإجابة على هذا السؤال تم طرح مجموعة من الأسئلة الفرعية التالية :
س1: ما مفهوم حماية الأمومة و الطفولة في منظومة الوظيفة العمومية؟
س2: ما هي أشكال الحماية المقررة للمرأة الموظفة ؟
س3: ما هو الأثر الذي تفرزه أشكال الحماية للمرأة الموظفة على حياتها المهنية ؟
س4: كيف يمكن إيجاد سبل وطرق كفيلة لترقية حماية الأمومة والطفولة في منظومة الوظيفة العمومية ؟
3- أهداف الدراسة : إستنادا الى التساؤلات السابقة تهدف الدراسة لتحقيق ما يلي :
*- التعرف على مفهوم الحماية الاجتماعية للمرأة الموظفة
*- تحديد أهم أشكال الحماية الاجتماعية للمرأة الموظفة
*- إبراز الأثر الذي تفرزه أشكال الحماية الاجتماعية على الحياة المهنية للمرأة الموظفة .
*- تقديم توصيات التي تساعد على تطوير أشكال الحماية الاجتماعية للمرأة الموظفة في منظومة الوظيفة العمومية.
4-أهمية الدراسة : تتمثل أهمية هذه الدراسة في أنها تتناول أهم حق من حقوق المرأة الموظفة في منظومة الوظيفة العمومية الجزائرية ، و هو حق حماية الأمومة والطفولة ، و هذا الحق يهم أهم شريحة من شرائح المجتمع ألا و هي المرأة ، كما تبرز أهمية هذه الدراسة فيمايلي:
*- الاسهام في إعطاء تصور نظري لواقع حماية الأمومة والطفولة في منظومة الوظيفة العمومية
*- التعريف بالمكانة التي تحتلها حماية الأمومة والطفولة في منظومة الوظيفة العمومية.
*- يمكن ان توفر هذه الدراسة خلفية نظرية حول حماية الأمومة والطفولة في منظومة الوظيفة العمومية .
المبحث الثاني: مدخل لمفهمة حماية الأمومة والطفولة في بيئة الوظيفة العمومية:
يعد بناء المفاهيم مدخلا أساسيا لبناء المعرفة الإجتماعية، و قاعدتها الرئيسة التي تبنى عليها، إذ أنا له دور في تجنيب اللبس أو سوء الفهم أو التفسير المتباين للمصطلح لدى القراء، أما تحديد المفهوم بمعناه المنطقي “فهو مجموعة الصفات و الخصائص التي تحدد الموضوعات التي ينطبق عليها اللفظ تحديدا يكفي لتمييزها عن الموضوعات الأخرى، كما يشير المفهوم الى المعاني العقلية الكلية أو الأفكار العامة المجردة” (عبد الفتاح. جمعة، 1998، ص 31)، و من خلال هذا العنصر سوف نعمل على تحديد بعض المفاهيم التي تهم الدراسة على نحو التالي:
1- الحماية الاجتماعية للمرأة الموظفة: إن مفهوم الحماية الاجتماعية للمرأة الموظفة يشير إلى جميع الخدمات التي تساهم في حماية و تحسين صحة النساء الموظفات، و العمل على رفاهيتها أو التي تساعدها في تكيف مع عملها و تحسين علاقاتها بين العمال وبينهن وبين الإدارة مما ينعكس بالتالي على زيادة الإنتاج (سليمان، 1998،ص 227)، كما ينظر اليها بأنها جميع الأعمال والإنجازات التي ترمي الى المساهمة في تحسين معيشة الموظفين ماديا ومعنويا عن طريق تكملة لأجر العمل في شكل خدمات في مجالات الصحة والسكن والثقافة والتسلية وجميع التدابير ذات الطابع الاجتماعي التي تستهدف تحسين الحياة اليومية للمرأة الموظفة وأسرتها
ونعرفها بأنها مجموعة الوسائل و الآليات المشمولة بتشريعات الرعاية الاجتماعية و نظم الضمان الاجتماعي التي تستعملها الإدارات العمومية لحماية حقوق المرأة الموظفة، قصد تحسين ظروف عملها في المواقع الإدارية، كما أنها تتضمن مجموع المساعدات الممنوحة لها في حالة العجز و عدم قدرتها على مواجهة الإحتياجات والمتطلبات المهنية والأسرية و الاجتماعية والاقتصادية والصحية في وقت الشدة .
2- الأمومة: تعريف الامومة بشكل مبسط على أنها حالة فريدة تجمع جميع الصفات الحسنة والجميلة والسامية و تتجسد في تربية الأم لأبنائها ، حيث تكون الأم في أتم الاستعداد للتضحية بكل غالي لديها في سبيل سعادة أبنائها ، والامومة من الصفات الملائكية التي تتجلى فيها أروع القيم مثل المحبة والتقوى و الإخلاص والصدق و جميع الصفات الجميلة ، وهناك من يرى بأن الامومة هى خلاصة المشاعر والمعرفة الدقيقة التي تكون في قلب كل أم تسعى دائما لكي يحصل أبناؤها على أفضل تربية و أفضل نشأة من خلال تمرير هذه القيم و المحبة لهم في المعاملات المختلفة و في تربيتهم حتى تكون راغبة في أن تصل بأبنائها إلى درجة الكمال في التربية و الحصول على القدر الكافي من الأدب والأخلاق الراقية(قنطار، 1992، ص 20-23)
بينما نجد من يرى في الامومة بأنها صفة الأم وحالتها والرابط الذي يربطها بأبنائها، وهي تتكون من ثلاث مراحل، مرحلة أثناء الحمل ومرحلة أثناء الوضع ومرحلة بعد الوضع وقد حددت هذه الأخيرة بـ 42 يوم بعد الوضع وهناك من يدرج الامومة إلى مرحلة الزواج (خليفاوي، 2021، ص2).
إذن الامومة هي صفة حسنة وجميلة تلازم المرأة وتربطها بأبنائها منذ الحمل إلى غاية بلوغ الطفل سن خمس سنوات أي هي علاقة مستمرة مع مراحل الطفولة لاسيما الصغير والمبكرة وتتجسد في تربية الأم لأبنائها أفضل تربية.
3–منظومة الوظيفة العمومية: تتعدد تعريفات الوظيفة العمومية في الحقول المعرفية التي تناولتها، حيث تعرف الفقه الإداري و القانوني بأنها “مجموعة القواعد القانونية المنظمة للحياة الوظيفية للموظف العام منذ دخوله الخدمة حتى خروجه منها” (جلبي، 2008، ص 23 )، والتي تتشكل “من الواجبات والمسؤوليات المحددة، وفق اختصاصات و مهام وأهداف الجهة الحكومية ، يقوم بها موظف بصفة دائمة أو مؤقتة وفق أنظمة الخدمة المدنية و لوائحها التنفيذية لقاء راتب محدد في ضوء مستوى الصعوبة والمسئولية في تلك الوظيفة” (وزارة الخدمة المدنية، 2004، ص 15)، أو هي كيان قانوني قائم في إدارة الدولة، تتألف من أعمال متشابهة ومتجانسة توجب على القائم بها التزامات معينة مقابل تمتعه بحقوق معينة(المجذوب، 2005، ص 250)
كما تعرف بأنها مجموعة الأوضاع القانونية والفنية الخاصة بالموظفين العموميين سواء التي تتعلق بمستقبلهم الوظيفي وعلاقتهم بالإدارة أو تتصل بأدائهم لمهام الإدارة العامة بإحسان وفعالية، أو هي مجموعة اختصاصات قانونية تعهد إلى الموظف العام لممارستها طبقا للتنظيم القانوني والإداري الذي يحكم تلك الاختصاصات(حمبلي، 2000، ص 76-77).
وفي ضوء التعريف السابقة يرى الباحث أن الوظيفة العمومية ماهي إلا منظومة اجتماعية قانونية تشكل نسق عام في المجتمع، و هي تتكون من مجموعة القواعد القانونية المنظمة للحياة الوظيفية للموظف العام منذ دخوله الخدمة حتى خروجه منها، بحيث تتحدد فيها كل الواجبات و المسؤوليات والمهام و الاختصاصات المنوطة به كعمل تخصصي، قصدا بها خدمة المصلحة العامة وتأدية مهام الإدارة بأمانة وفعالية لقاء تمتعه بحقوق و إمتيازات الوظيفة التي يشغلها.
4-حماية الأمومة والطفولة في بيئة الوظيفة العمومية: ينظر إلى حماية الأمومة والطفولة في منظومة الوظيفة العمومية بأنها الحماية المقررة للمرأة الموظفة قصد تسهيل لها الوجود في حالة تسهل لها ممارسة تربية أبنائها أفضل تربية من خلال تمرير لهم القيم الإجتماعية الحسنة وتوفير لهم المحبة خلال فترات زمنية مستمرة تبدأ من مرحلة أثناء الحمل إلى غاية بلوغ الطفل سن خمس سنوات، حتى تصل بأبنائها إلى درجة الكمال في التربية والحصول على القدر الكافي من الأدب والأخلاق الراقية
حيث أن هذه الحماية تتجسد في مجموع الحقوق والخدمات التي تساهم في حماية و تحسين صحة النساء الموظفات، و العمل على رفاهيتها أو التي تساعدها في تكيف مع عملها و تحسين علاقاتها بين الإدارة وبين تربية أطفالها مما ينعكس إيجابا على حياتها المهنية و الأسرية.
المبحث الثالث: مكانة حماية الأمومة والطفولة في منظومة الوظيفة العمومية:
إن البحث عن مكانة حماية الأمومة والطفولة في منظومة الوظيفة العمومية الجزائرية،لا يمكن إستنباطها وإستنطاقها إلا من خلال إتباع مقاربة سوسيوقانونية في معالجة الموضوع، وذلك عن طريق التحليل السوسيولوجي للقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية الجزائري رقم 06-03 المؤرخ في 15 جويلية 2006، المشكل لمنظومة الوظيفة العمومية الجزائرية، الذي يجرنا في الاخير إلى أن حماية الأمومة والطفولة هي صورة من صور الحماية الإجتماعية التي أقرتها منظومة الوظيفة العمومية الجزائرية للمرأة الموظفة تماشيا مع حركات التشريعات المهنية العالمية، و تشريعات حماية الأمومة والطفولة ذلك بمنحها ما يلي:
1-إجازة الحمل والولادة: فإجازة الحمل والولادة التي تنمح للمرأة الموظفة تعد في حد ذاتها إتفاقا مع طبيعة دور المرأة في المجتمع وما يمليه هذا الدور من ضرورة التوفيق بين أسرتها و علمها، فإجازة الحمل والولادة ترمي إلى أساسا الى حماية صحة المرأة الموظفة و صحة طفلها أثناء الفترة المحيطة بالولادة سواء تلك التي تسبق الولادة مباشرة أو بعدها، ومن ثم تكون فترة الراحة التي تحصل عليها المرأة الموظفة بمناسبة الحمل والوضع ضرورية لحماية حملها وصحة طفلها، فضلا عن تمكنها من التوفيق بين دورها في الإنجاب وبين نشاطها المهني الذي تمارسه (جلال ، 1989،ص 53.52)، فنجد أن المشرع الجزائري قد نص على هذا النوع من الحماية بإعتباره حقا من حقوق المرأة الموظفة، في أحكام المادة 213 من القانون الاساسي العام للوظيفة العمومية، التي يشير إلى أنه تستفيد المرأة الموظفة، خلال فترة الحمل والولادة، من عطلة أمومة وفقا للتشريع المعمول به .
2- حق المرأة في الحصول على فترات راحة لإرضاع طفلها: تشير الدراسات الطبية الحديثة إلى أن الرضاعة الطبيعية لها أهمية كبيرة ف
حماية الطفل و المرأة المرضعة من بعض الأمراض، من هذا المنطلق أضحى تشجيع الرضاعة الطبيعية للمرأة العاملة جزءا من السياسات الصحية والمهنية، نظرا لما لها من فوائد صحية هامة، فضلا عن رفعها للروح المعنوية للمرأة وخفض معدلات تغيبها عن العمل إلى أدنى حد، لهذا تجد أن منظمة العمل الدولية إهتمت بحماية صحة الطفل ضمن حماية الأمومة، و من ثم جاءت اتفاقيات العمل الدولية المعنية بحماية الأمومة مؤكدة حق المرأة الموظفة في الحصول على فترات تحسب من ساعات العمل لإرضاع طفلها.
وقد إعترفت تشريعات العمل والوظيفة العمومية العربية بحق المرأة الموظفة في الحصول على فترة أو فترات لإرضاع طفلها، على أن تحسب هذه الفترات ضمن ساعات العمل الأصلية التي يتوجب على المرأة القيام بها، ويجوز للمرأة ضمها مع فترات الراحة المقررة للموظفين، فنجد أن المشرع الجزائري قد نص على هذا النوع من الحماية بإعتباره حقا من حقوق المرأة الموظفة، في أحكام المادة 214 من القانون الاساسي العام للوظيفة العمومية، التي يشير إلى أنه: للموظفة المرضعة الحق، ابتداء من تاريخ انتهاء عطلة الأمومة، ولمدة سنة، في التغيب ساعتين مدفوعتي الأجر كل يوم خـلال الستة (6) أشهر الأولى وساعة واحدة مدفوعة الأجر كل يوم خلال الأشهر الستة (6) الموالية، و يمكـن توزيـع هـذه الغيابـات على مـدار اليـوم حسبما يناسب الموظفة.
3- حق المرأة في فترات توقيف العمل بغرض تربية طفلها: يعد تربية الأطفال الذين هم في مرحلة الطفولة المبكرة من التوجهات الحديثة لحماية الأمومة والطفولة نظرا لما هذه المرحلة من أهمية كبيرة في حياة الطفل، فهي تعبر عن المرحلة التي تلي مرحلة الرضاعة، وتبدأ عندما يبدأ الطفل بالكلام أو المشي معتمداً على نفسه ويصبح أقل اعتماداً على مساعدة الوالدين في الحاجات الأساسية، ونظرا لما لهذه المرحلة من أهمية في حياة الطفل و الأم نجد أن المشرع الجزائري قد منح للمرأة الموظفة حق توقيف علاقة العمل مؤقتا بقوة القانون عن طريق ما يسمى بوضعية الإحالة على الاستيداع من أجل تربية طفل يقل عمره عن خمس (5) سنوات وهذا ضمن أحكام المادة 146 من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية التي يشير إلى أنه تكون الإحالة على الاستيداع بقوة القانون في الحالات الآتية : …….. للسماح للزوجة الموظفة بتربية طفل يقل عمره عن خمس (5) سنوات.
حيث يلاحظ أنه في هذه الوضعية يتم تـوقيــف راتــب الموظــفة وحقوقــها في الأقدمية وفــي الترقيــة فــي الدرجــات وفي التقاعد، غير أنه تحتفظ في هذه الوضعية بالحقوق التي اكتسبتها في رتبتها الأصلية عند تاريخ إحالتها على الاستيداع، وبمجرد نهاية فترة الإحالة على الإستيداع فإن المرأة الموظفة تستفيد من ما يسمى حماية الاستخدام وعدم التمييز، ضمانا لإستمرارية استخدام المرأة وحقها في العودة للوظيفة التي كانت تشغلها حيث يتم إعادة إدماجها في رتبتها الأصلية بقوة القانون ولو كانت زائدة عن العدد الوظيفي، أي أنه لايمكن التحجج بعدم وجود منصب مالي يقابل الرتبة التي كانت تشغلها.
4-الحق في التأمينات الاجتماعية: تشكل التأمينات الاجتماعية أحد صور الحماية الاجتماعية للأمومة والطفولة التي نصت عليها الدساتير والمعاهدات الدولية ، فهي عبارة عن نظام قانوني إجتماعي يعمل على تحقيق الامن الاقتصادي للأفراد في حالة تعرضهم الأحد الأخطار المهنية أو الإجتماعية و ذلك عن طريق إستعمال مجموعة من الأساليب قصد تعويضهم و التكفل بهم (أحمد، 2000، ص 54)، وهي تشكل أهم ركائز الإجتماعية في منظومة الوظيفة العمومية لحماية الموظفين لاسيما النساء منهم،
فالحماية بواسطة التأمينات الاجتماعية للمرأة الموظفة في الإدارات العمومية ، نجدها تتمثل في التغطية والتكفل بالمرأة في حالة الطوارئ أوالظروف غير المتوقعة الصحية والطبيعية التي تمر بها ، و التي قد تمنعها من مزاولة نشاطها ، أوتحرمها من الأجر أو الدخل ، و ذلك بتمكينها من تعويضات نقدية وعينية حسب طبيعة الطارئ (عبد الرحمان، 2016 ، ص 155)، وذلك من خلال توفير التأمينات المناسبة لها كالتأمين على المرض، أو التأمين على الولادة والأمومة، أو التأمين على العجز، أو التأمين على الوفاة، أو التأمين على حوادث العمل والأمراض المهنية،أو التأمين على التقاعد،أو التأمين على البطالة.
فنجد أن المشرع الجزائري قد نص على هذا النوع من الحماية بإعتباره حقا من حقوق المرأة الموظفة، في أحكام المادة 33 من القانون الاساسي العام للوظيفة العمومية، التي يشير إلى أنه: للموظف الحق في الحماية الاجتماعية والتقاعد في إطار التشريع المعمول به.
5- الحق في الرعاية الصحية : تعتبر الرعاية الصحية للمرأة الموظفة أحد دعائم التنمية الشاملة لما تلعبه من دور وأثر عظيم على حياتها وحياة الاجيال القادمة ، لذلك نجد أن جل الدول تضع الرعاية الصحية ضمن أهم الخدمات الاساسية التي توفرها لأفرادها، نظرا إلى أن توفير العلاج الى جانب وضع المناهج والطرق السليمة للوقاية من الامراض و تحسين السلوك الصحي بطريقة متكاملة ومقبولة اجتماعيا يسهم في توفير رعاية صحية سليمة لأفراد المجتمع بما فيهم العاملين (بدر، 2014 ، ص 57) ، إذ أن المرأة الموظفة نالت حيزا من هذه الرعاية، خاصة في أماكن العمل ، من كل ما قد يعترضها من أمراض المهنة والبيئة المهنية ، بإعتبار أن صيانة صحة المرأة الموظفة تعتبر من أهم عوامل صيانة المورد البشري و منه المحافظة على الإنتاجية الإدارية وتنميتها .
نظرا لأهمية الحماية والرعاية الصحية للمرأة الموظفة فإن الدساتير وتشريعات العمل في الوطن العربي قد جعلت من الحماية الصحية والرعاية حقا أساسيا لها، بالنص على ضرورة التزام الإدارة العمومية بتوفير جميع خدمات الرعاية الصحية للموظفين في أماكن العمل طول حياتهم المهنية، وهذا ما توجه إليه المشرع الجزائري بالإشارة إبلى هذا النوع من الحماية بإعتباره حقا من حقوق المرأة الموظفة، في أحكام المادة 37 من القانون الاساسي العام للوظيفة العمومية، التي يشير إلى أنه: للموظف الحق في ممارسة مهامه في ظروف عمل تضمن له الكرامة والصحة والسلامة البدنية والمعنوية.
الخاتمة :
من خلال هذا البحث توصلنا الى ان المشرع الجزائري في منظومة الوظيفة العمومية و النصوص التنظيمية لم يغفل على حماية الامومة والطفولة، مما يوطد الاعتقاد مساير المشرع للتوجهات العالمية نحو ترقية المرأة و حفظ حقوقها الصحية والاجتماعية والمهنية …….إلخ، هذا الامر يجعل من هذه الفئة شريك في مسيرة التنمية و التغير الاجتماعي .
قائمة المراجع :
– إبراهيم جلال. (1989). الإجازات المستحقة للعاملات بمناسبة الحمل و الوضع وفقا لقانون العمل الكويتي : دراسة مقارنة. مجلة دراسات الخليج و الجزيرة العربية ، 52.
– الأمر 06-03 المؤرخ في 15 جويلية 2006، المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية.
– الديلمي سليمان علي. (1998). الرعاية الاجتماعية : نظريات و تطبيقات (الإصدار الطبعة الثانية). لبنان: دار الكتاب الجديد المتحدة.
– المجذوب، طارق: (2005)، الإدارة العامة : العملية الإدارية الوظيفة العامة و الإصلاح الإداري، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت.
– بن عبد الرحمان علي الدعيج بدر. (2014). حماية حقوق المرأة العاملة في نظام العمل السعودي : دراسة تأصيلية. رسالة ماجستير في الشريعة والقانون . الرياض، الشريعة و القانون: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
– جبلي، أحمد عبد العالي صبري: (2008)، نظام الجدارة في تولية الوظائف العامة، دار الجامعة الجديدة، القاهرة.
– حسن البرعي أحمد. (2000). الوسيط في التشريعات الإجتماعية (الإصدار 2). القاهرة: دار النهضة العربية.
– حمبلي،حمود: (2000)، المساواة في تولي الوظائف العامة في القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية، دار الأمل، الجزائر.
– خلفي عبد الرحمان. (2016). الحماية القانونية للمرأة العاملة في قانون العمل الجزائري. مجلة أبحاث قانونية و سياسية ، العدد الأول.
– عبد الفتاح، سيف الدين . جمعة، علي .(1998)، بناء المفاهيم: دراسة معرفية ونماذج تطبيقية، ط1، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، القاهرة .
– وزارة الخدمة المدنية: (2004)، مرشد الموظف الجديد، ط 3، سلسة الإصدارات الإعلامية لوزارة الخدمة المدنية، الرياض.
– داسة مصطفى (2018)، الحماية الإجتماعية للمرأة الموظفة في منظومة الوظيفة العمومية الجزائرية، مداخلة مقدمة للملتقى الوطني الأول حول قضايا المرأة في المجتمع الجزائري، قسم العلوم الاجتماعية، جامعة أم البواقي.
– داسة مصطفى. (2015). واقع إدارة الحياة المهنية في منظومة الوظيفة العمومية الجزائرية : دراسة ميدانية بالإدارات العمومية الجزائرية. أطروحة دكتوراه في علم الاجتماع . الجزائر، علم الاجتماع: جامعة الجزائر02.
– فايز قنطار(1992). الأمومة: نمو العلاقة بين الطفل و الأم، سلسلة كتب عالم المعرفة، الكويت، 1992.